فـي عيدهــا... حــرروا المقاومـة وانصروهــا ؟!.
د.نسيب حطيط*
تتعرض المقاومة في عيدها العاشر، لأخطارثلاثة،تضيق الخناق عليها وتهدد وجودها وقوتها الرادعة ،تتمثل بالحصار الخارجي،والإقلاق الداخلي،وسلوكيات أبنائها ،حيث تحشد إسرائيل الرأي العام الدولي،بقيادة أميركية،ضد المقاومة من نوافذ المؤسسات والقرارات الدولية المصادرة،والتقارير المستندة لمعلومات إسرائيلية بالتسلح الخارق للتوازن العسكري(صواريخ سكود و منظومة الدفاع الجوي..)،وكذلك الإرهاب،ومصادرة الدولة،ويتزامن ذلك مع التهديد الإسرائيلي الدائم المتمثل بالخروقات اليومية للسيادة اللبنانية،والإعداد للحرب القادمة من خلال المناورات الجزئية والشاملة ،وشبكات العملاء في لبنان،والسعي الدائم لإغتيال قادة المقاومة.
وإذا كان خطرا الحصار الخارجي،والخطر الإسرائيلي،يقعان في دائرة البديهيات نظرا لعدوانية الصهاينة،فإن المستغرب بقاء الموقف السياسي،لبعض القوى السياسية في لبنان،على ذاته أثناء الإحتلال وبعده ،قبل التحرير وبعده،قبل حرب تموز وبعدها،قبل الحرب الأهلية وبعدها،قبل الطائف وبعده،وكأن الزمن لم يتغير،وكذلك الوقائع،فإسرائيل انهزمت في لبنان،وطردت إلى خارج الحدود،ما عدا مزارع شبعا،وانسحب الجيش السوري،وتشكلت حكومة الوحدة الوطنية،لكن سيمفونية سحب سلاح المقاومة ،لم تتوقف،والمطالبة بإسقاط ثنائية المقاومة والجيش لم تتوقف،حتى ذهب البعض لتبرئة إسرائيل من الإعتداءات،حتى كادت تظهر وكأنها الضحية (لإعتداءات المقاومة)،بل وبالغ البعض بالتصريح نيابة عن إسرائيل ،بإعلان نواياها،أما باتجاه الحرب أو بعدم الرغبة في ذلك.
والسؤال المطروح،... إذا كانت المقاومة لا تستطيع التحكم بأفعال الأعداء أو الخصوم،إلا بالإستعداد للمنازلة والدفاع عن الحقوق،وتطوير الإمكانيات كردة فعل على التهديدات القادمة،فإن خطرا ثالثا يهدد المقاومة،من الداخل،وهو السلوك والنهج، لبعض مسؤوليها ومناصريها،الذين بدأ الترف وحب الدنيا،وإمتلاك الكماليات يتسلل الى أدبياتهم السلوكية مع عائلاتهم ،على مستوى العيش والممتلكات، وظهرت على البعض نعم الدنيا وزخارفها ،حتى صارت مسؤولية البعض،تعرف من سيارته وشقته ومستوى عيشه،ولأن الناس تخاف على المقاومة،وتخاف من تلوثها وضعفها، فصار الناس يميزون بين منظومة المقاومة،والمنظومة السياسية والإجتماعية الراعية لها،لأنهم يرفضون التصديق بأن المقاومة بدأت بالتعرض(للتلوث)السلوكي بالفضائح المالية والسياسية على الطريقة اللبنانية.
( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)وعندما تغير الناس باتجاه التضحية والمقاومة والترفع عن شهوة السلطة باتجاه الأرض المحتلة،نصرهم الله في عام 2000،وحرب تموز 2006،أما إذاا تغير الناس باتجاه الدنيا ورغدها وزخارفها،فإنهم سيعيدوا تجربة المسلمين في أحد ومغانمها،التي هزمتهم وسلبتهم النصر.
فلننقذ المقاومة من الغرور وحب الدنيا،وننقذها من تفاصيل المخاتير والأحياء والدفع الرباعي،ولندعم المقاومة ضد الحصار والإفتراء والإتهام الخارجي،فلم يبق غيرها نافذة للأمل بالحرية والعزة واستعادة الحقوق وتحرير الأرض في هذا النفق العربي المظلم ،فليحفظها أهلها بتعففهم ونزاهتم تكريما للشهداء الذين مضوا وحفظا لدمائهم ،وليناصرها اللبنانيون للدفاع عن لبنان فلولاها لبقيت بيروت محتلة ولولاها لأنعدمت الحياة السياسية والبرلمانية والبلديات والمخاتير التي يتقاتل الجميع عليها ، فلولا تحرير الأرض لما كانت حرية أو سيادة أو إستقلال ، وهاهي غزة والضفة شاهدة على إعتقال نوابها المنتخبين في سجون الإحتلال ،فمن لا يستطيع من اللبنانيين دعمها اومناصرتها فليكف عن إرباكها والتشويش عليها وإزعاجها،وهذا دعم لها،حتى تستطيع الدفاع عن الأرض،وهي مطمئنة بأن ظهرها محصن،وجبهتها الداخلية مصانة،وأولى الخطوات بأن تسارع طاولة الحوار الوطني لمناقشة تحصين الجبهة الداخلية،والبنى التحتة وخطط الطوارئ والإسعاف لتتكامل مع جهوزية المقاومة لأي حرب قادمة،والتي تحمل صفة حتمية لوقوع،مع تأرجح التوقيت وفقا للظروف والوقائع.